Skip to main content

عندما تُستخدم الرياضة في التضليل الإعلامي: كشف للمغالطات الإعلامية في حادثة ليبيا ونيجيريا

تلعب الرياضة دورًا هامًا في تعزيز روح المنافسة والنزاهة والربط بين الشعوب، إلا أنها أحيانًا تتحول إلى ساحة للتضليل الإعلامي وإثارة النزاعات. في إطار أخبار دوري إفريقيا، حصلت حادثة بتاريخ 15/10، حيث تأخر المنتخب الليبي في مباراة الذهاب في نيجيريا لمدة 6 ساعات، مما أثار موجة من الاستياء بين الجماهير الليبية. في المقابل، وعند مباراة الإياب بتاريخ 22/10، تم تأخير منتخب نيجيريا عند وصوله إلى ليبيا لمدة 12 ساعة دون استقبال رسمي، كرد على ما حدث في المباراة الأولى. هذه الحادثة كشفت عدة أنواع من التضليل الإعلامي، من أبرزها مغالطة “حجة رجل القش” وتداعياتها على فهم الجمهور للأحداث الرياضية.

حجة رجل القش: أداة لتشويه الحجة الأساسية:

تظهر مغالطة رجل القش بوضوح في هذا الحدث، إذ استُخدمت لتبرير موقف الطرف الليبي بعبارة: “إذا كان منتخب ليبيا قد عانى في نيجيريا، فمن حقنا أن نعامل منتخبهم بالمثل.” هذه الاستجابة تُعد تحريفًا للحجة الأصلية، التي كان من المفترض أن تدعو إلى الاحترافية والالتزام بالمعايير الدولية في استقبال الفرق الرياضية، بغض النظر عن المعاملة في الدول الأخرى، والاحتكام للقوانين في حال التعرض للإساءة.

بدلًا من التركيز على الجهود المبذولة لتحقيق العدالة، حولت هذه المغالطة النقاش إلى قضية “المعاملة بالمثل”، لتصبح المسألة انتقامية بدلاً من اللجوء إلى العدالة.

إلى جانب مغالطة “حجة رجل القش”، ظهرت أنواع أخرى من المغالطات الإعلامية التي أثرت على الرأي العام تجاه الحادثة، ومنها:

  • التحيز الإعلامي: بعض وسائل الإعلام ركزت على الجوانب السلبية التي واجهها المنتخب الليبي، دون توضيح موقف المسؤولين الرياضيين الليبيين وجهودهم لتسوية الوضع، مما أدى إلى استنتاجات غير موضوعية حول نوايا الليبيين.
  • التضليل بالانتقاء: ركزت بعض التغطيات على تفاصيل محددة من الحادثة، مستخدمةً إياها بشكل يستهدف زيادة التفاعل واستدراج المشاعر دون تقديم سياق كامل عن تفاصيل وأسباب الحدث. يستغل هذا النوع مشاعر الجمهور ويوجههم نحو تفاصيل مختارة، مما يؤدي إلى نوع آخر من التضليل وهو:
  • التضليل بالاستنتاجات العاطفية: اعتمدت بعض وسائل الإعلام على ألفاظ مؤثرة، وصوّرت الأحداث بطريقة تثير مشاعر الغضب، مما قاد إلى ردود أفعال غير منطقية تفتقر إلى التحليل الواقعي.

الكاف: من عدم الشفافية إلى الانحياز الواضح:
في البداية، تميز موقف الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (CAF – Confederation of African Football) بالغموض وعدم الشفافية تجاه الحادثة، إذ لم يظهر اهتمامًا بالتدخل لحل المشكلة بإنصاف. ومع الوقت، ظهر انحياز واضح وصريح لصالح منتخب نيجيريا، حيث فرضت الكاف عقوبات على المنتخب الليبي، وأعلنت النتيجة لصالح نيجيريا. أثار هذا التحول جدلًا بين المتابعين حول مدى التزام الكاف بالمهنية والحيادية، ومدى تأثير هذا الانحياز على روح التنافس الرياضي العادل.

ختامًا، تبرز هذه الحادثة الحاجة الملحة للوعي الإعلامي والالتزام بالمهنية والشفافية في نقل الأحداث الرياضية. فالرياضة تهدف بالأساس إلى إبعادنا عن الجدية والترفيه عن النفس وترويحها، مع الحفاظ على الروح التنافسية والترقب للفائز، إلا أنها قد تتحول في مثل هذه الحالات إلى كرة للتضليل الإعلامي، مما يشوه الصورة الحقيقية ويبعدها عن دورها السامي في توحيد الشعوب.

بقلم: ولاء شاقان.

تدقيق: مالك الكبير.

 

This site is registered on wpml.org as a development site. Switch to a production site key to remove this banner.